معتوق أبوراوي في بحر "بسيس" ليبيا تصوير الفنان النمساوي مارتن هشتل 1999
هاجسه البحر، يرسم قوارب الموت ويتعذب لأجل المفقودين، يحمل بدخيلته حِس
انساني، الاختزال والجرأة تميز أغلب لوحاته، يواجه قبح العالم بفرشاة وألوان،
ماضيه ومستقبله مرهون للفن، لم يلتزم بالإجابة عن أسئلتي بل حدثني عن أعماله
ومعارضه ومذكراته اليومية التي بدأ العمل عليها منذ 1995، حوار شيق مع الفنان
معتوق بوراوي يستحق المتابعة..
هل يمكن أن يصف لنا الفنان اللحظات الأولى لميلاد فنه؟
_ كنت في المدرسة الأبتدائية والأعدادية دائما في ورشة العمل الفني مع معلمي التربية الفنية، بعد ذلك بفترة وجدت اهتمام من معلم التربية الفنية الذي اختار لي عملين وعُلقوا على حائط المدرسة فكان هذا دافع كبير ل استمراري ووقتها بالذات اكتشفت موهبتي فاستمريت في الرسم للمرحلة الثانوية، وكان جل اهتمامي فيما بعد في الفنون التشكيلية مع ان دراستي كانت علمية، ومن بعدها التحقت بمعهد لكني فشلت بسبب تعلقي وبحثي عن الفن التشكيلي، فصادف ان فتحت أبواب كلية الفنون الجميلة بطرابلس، قرجي، 1989م، فالتحقت بها وكنت من الدفعة الأولى شعبة الرسم والتصوير التي تخرجت منها، وكان من خريجي الدفعة الكثير من الأصدقاء اذكر منهم عبدالرزاق الرياني، عبدالناصر بوصوة، صلاح بالحاج، عفاف الصومالي، يوسف فطيس، واشتغلنا معارض رائعة داخلية وأخرى خارجية من خلالها استطعنا ان نترك أثر مهم مَهد الطريق لمن بعدنا..
وفي الحقيقة يعود الفضل في بروز مواهبنا للأساتذة التي تعاقدت معهم الدولة الليبية في ذلك الوقت من دول عربية مختلفة، والحقيقة أن الخطوة الأكثر تأثيراً في حياتي الفنية هي التحاقي بالدراسة العليا في إسبانيا، ووقع اختياري على أسبانيا لوجود علاقة روحية بيني وبين الفن الأسباني، حيث تأثرت ببيكاسو وغويا، وبكبار الفنانين الأسبانيين، فمن المعروف عراقة الدولة الأسبانية في الفن التشكيلي والمعرفة البصرية لذلك أعادت بنائي من جديد.
_ ولدت كفنان تشكيلي مرتين، الأولى في ليبيا والثانية في غرناطة
أرى أنك عاشق للأدب والشعر وهذا جلي من خلال تدويناتك عبر صفحتك الشخصية عالفيس بوك، فلماذا ذهبت خلف الفرشاة والألوان ولم تذهب خلف الكتابة مثلا؟
بالنسبة لسؤالك، لماذا أنا لديّ ميول للفن والأدب وعلاقة هذا يمكن أن يلاحظ جلياً في طريقة دمجي للأدب في العمل التشكيلي، ففي عام 2005..حتى 2007 أنا كنت طالب في الدكتوراه في جامعة غرناطة، وعلاقتي كانت جيدة بشعراء من اسبانيا ودمشق، لذلك قمت بعملين الأول في "كازا بلانكا" والأخر في "دمشق" في خان أسعد باشا، في العمل الأول تأثرت كثيرا بالفنانيين الأسبان، فقمنا بتجهيز "خيمة" بملابس المهاجرين التي كانت منتشرة في البحر، وعلى اثرها تدخل شعراء من المغرب واسبانيا كملحمة شعرية وتشكيلية مشتركة ومن هنا اتضح لي بأن الشعر والأدب والفن التشكيلي مرتبط كل منهما بالأخر ويكمل كل منهما الأخر، وقد لاحظت ايضا أن الشعراء والأدباء متعطشين لمعرفة واكتشاف العمل التشكيلي ربما أحيانا يفوق رغبة التشكليين في حد ذاتهم، وأنا شخصيا لديّ علاقة قوية تربطني بشعراء ليبيين وأسبان وحتى بأمريكا الاتينية.
والعمل الثاني الذي أثر فيّ بشكل أساسي وكبير، حينما كنت مدير القسم العربي في دمشق، وكان العمل يحمل اسم "أصوات البازلت الأسود" حينها كنت القي بيت شعر لكل من نزار القباني، أدونيس، محمد الماغوط، والخطابي من المغرب، بدر شاكر، وترجمت للعربية أبيات شعرية لشعراء من أسبانيا مثل "خوسيه فالينتي" وشعراء آخرين لم تحضرني اسماءهم الان، فأخذت من كل واحد بيت شعر أو أكثر، وطبعنا هذه الأبيات على أرضية خان أسعد باشا بمادة البازلت الأسود على خلفية بيضاء وكان هذا العمل مميز وشيق وقد شارك فيه طلبة من غرناطة ودمشق، وعلى أثر هذا العمل صارت لي علاقة جيدة بالشعر فطالما كان الشعراء من يصطادونني ومن جانبي تأثرت بالشعر وجسدت هذا في أعمال فنية تشكيلية.
أعتقد بأن المدارس الفنية لم تعد كما السابق واستجابت أغلبها للتغيير والتطور، فلأي مدرسة فنية تنتمي ؟ وكيف تنفذ الفكرة للوحة، وهل تبحث وتدرس وتنقب عن الفكرة أم أنها تأتِ تلقائية؟
_ أنا أعتقد أني كما كتبوا عني كتاب أسبان أو عرب أو ليبيين بأني فنان تعبيري مباشر حيث ارسم بإيحاء وإلهام وقتي، ارسم اللحظة، ولا استغرق وقتاً في التفكير وعملي لا يأخذ وقتاً طويلا ربما من ساعة إلى ساعتين، وأنوع في أدواتي إينما وُجدت، فقد ارسم بالقهوة أو بألوان الكريلك والألوان الزيتية وكما ارسم على القماش.
كما أني متأثر بالمدرسة التعبيرية التي أسسها "قويا" في المرحلة السوداء.
حدثني عن مذكراتك اليومية؟
_ أنا لجأت إلى فكرة المذكرات اليومية التي هي عبارة عن مذكرة دائمه في يدي، فتجدي فيها تدوين لكل الدول التي زرتها ، فكنت أخط كل ما أشعر به في لحظتها رسماً، واكتشفت بعد ذلك بزمن أن بيكاسو كان يقول:" أن الرسامين قد يكتبون مذكراتهم الشخصيىة بالرسم" ، وهذا كان دافع لي لأدون أكثر.
كيف أثرَ المكان على الفنان معتوق بوراوي؟
_ في خلال سفري لأسبانيا أنبهرت بالفن الأسباني حيث كان ضخم ومدهش، وباعتبار أن تاريخ الفن الأسباني مليء بالفنانين الكبار الذين استقوا منهم بعض التيارات الفنية أسلوبهم الفني مثل الفنان قويا ويعتبر من أهم مؤسسي المدرسة التعبيرية في المرحلة السوداء، لذلك فمن الطبيعي أن أتأثر بالفن الاسباني كثيرا ومن اساتذته تعلمت.
أفضل لوحة فنية قريبة لقلبك من بين لوحاتك الكثيرة؟
_ حقاً لا تحضرني لوحة دون سواها الأن، فعادةً ما كنت ارسم واترك، وحين تقع عيني على احدى الأعمال التي رسمتها فيما مضى يخالجني شعور الأبوة اتجاه تلك اللوحات.
هل سبق للفنان اقامة معرض فني تشكيلي في ليبيا أو خارجها؟
_ اشتركت في الكثير من المعارض الجماعية، أما المعارض الفردية فكانت تعد على الأصابع، وكل معرض فردي نظمته بمثابة منعطف مهم في حياتي الفنية.
والمعرض الفردي الأهم كان باسم "أحلامي في غرناطة"
وهذا
المعرض احتوى العديد من اللوحات التي رسمتها دون التفكير في عرضها، فنالت إعجاب
النقاد الاسبان، فقمت بتنظيم معرض شخصي بهذه اللوحات في صالة بورخس في الأرجنتين،
كما أني اشتغلت مع اشهر الفنانيين العالميين مثل الكوبي "خوسيه بيبيا"
وكذلك الفنان الإسباني الكبير "باكو بنيوس" والاخير كان مشرف رسالة
الدكتوراة التي كنت أنجزها حينها.
حدثني عن الكتب التي جمعت فيها لوحاتك؟ وأين نفذت؟ وهل صاحبت اللوحات نصوص شعرية؟
جمعت لوحاتي في أربعة كتب، معنونه تحت اسم" تأبين المفقودين بقوارب الموت،و" الجنوب والحلم" والأخر" بتأبين المفقودين بالربيع العربي" والأخير"أحلامي بغرناطة"
وتلك الكتب هي عرف متداول بين التشكليين في كل معرض يجب نشر مايسمي "بالكاتالوق" اي الكتيب المصاحب للمعرض، لان كل الزوار ليس بوسعهم اقتناء لوحه قد تعجبهم من المعرض، .اضف على ذلك هو رصيد للفنان ويسهم في التعريف به في نطاق أوسع من المعرض ونُفذت جميع الكتب باسبانيا عدا كتيب واحد وهو "أحلامي في غرناطه " صدر في العاصمة الأرجنتينيه وجاء علي خلفيه المعرض الذي أقمته في القاعة المعروفه واسمها " خورخي لويس بورخص" من أشهر القاعات في الأرجنتين علي الإطلاق..
وهناك بعض اللوحات فقط كانت تحمل نصوص شعريه من شعراء إسبان او عرب.
_أعتقد
أن الفن الليبي يحتاج للدعم، كما ينقصه الانفتاح، وأتمنى للفن التشكيلي في ليبيا
أن يكون أكثر انفتاحاً على الدول الكبرى ويتعلم منها كأسبانيا وفرنسا والمانيا
وامريكا
طموحك المستقبلي؟
_ طموحي أن اقيم معارض في ليبيا وخارجها ولكن الوضع في ليبيا لا يسمح بإقامة معارض حالياً.
طموحك المستقبلي؟
_ طموحي أن اقيم معارض في ليبيا وخارجها ولكن الوضع في ليبيا لا يسمح بإقامة معارض حالياً.
كلمة اخيرة للفنان
معتوق بوراوي؟
_ الفن يجب أن يعيش، والفنان ليس بتاجر.
.........................
2016 حاورته..حنين عمر
للمزيد حول الحوار في هدا الواصل
http://fasanea.org/?p=11318