الشاعر الليبي د. عاشور الطويبي
ارتدى قفّازه الأسود،
قبعته الحمراء بنتوئها البارز، صبغ قرنيه بحنّاء غرناطة
في البار جلس قريباً من
النادلة العجوز.
بعد الكأس العاشرة
حدثتها عن حبيبته ورمل البحر في القره بوللي، كانت تنصت نصف مغمضة ومصباح الطاولة
يتأرجح خفيفاً مع لحن غرناطي قديم.
*
في غفلة عن غرناطة،
تسلّلتَ من بوابة البيازين، تجرُّ وراءك إبلك، ألوان شفقك وعراجين بلح من الهنشير
.
لكنك لم تقل لهم أنّ
زنبقة الليل كانت في جيبك
المطر تحت بطن الجدي،
ذيله وأذنيه.
هذا ما قاله البحر.
إلى بيت الاسد في الجبل
تقود الخطوات.
إلى سدّة الساحرة
الشهوانية تقود الشهقات الزرقاء.
ما تفعل السيدة الكبيرة
النهدين وسمكتها الذهبية في منعطف الشارع الباهت؟
لا شيء خلف اللوحة ولا
شيء في عينيّ الولد بحقيبته الممزقة.
*
- إلى أين تقودُ
وعولك يا معتوق؟
- إلى سفينة
قرطاجية راسية في صبراتة
- ماذا في تلك
الجرار يحملها العبيد؟
- خمر اشبيلية
وزيت زيتون غرناطة
- ما تحمل تحت
إبطكَ؟
- قراطيس أرسم
عليها خيالات و أوهام
- ما ...
- كفى، سأذهب الآن
*
ثورك يا معتوق، اسقط
المحارب وقفز من النافذة ........
*
بيديها القويتين تعلق السماء سحبها الرمادية في الفراغ،
تسكب ما شاء لها من
ظلالٍ على السفن الشراعية وبيض السردين اللامع تحت سطح الماء.
لك أن ترسم سلّماً
وحريقاً مشتعلاً كي لا تصعد ثيران أسبانيا البحر.
لك أن تخفي بحنكة العليم
قلق أشجار الصنوبر وصياح طيور القصبي.
لك دوات حبر وأصابع
ألوان لتفعل ما تشاء.
*
لك أن ترسم سلّماً
وحريقاً مشتعلاً كي لا تصعد ثيران أسبانيا البحر.
لك دوات حبر وأصابع
ألوان لتفعل ما تشاء.
*
حين تدخل النوق نهر
غرناطة يصير لها ألف رأس.
*
النخلة في وسط القارب.
النخلة تراقب القطط
الغازية.
رمل وبحر سيلين زرقة
وظلال .
الفنان التشكيلي معتوق
أبوراوي، قام بمسح جماليّ رائعٍ.
أعاد للشكل وحشيّته،
للخطّ عتمته، للبحر شغفه البدائي.
لكنه لا يزال يبحث عن
بحّة الطائر.
ما الذي يعطي للألوان
طزاجتها؟
ليس اللون وليس مهارة
الرسام.
الكسل هو ما يفعل ذلك.
....................................................
عاشور الطويبي
طرابلس 214