الفنان العراقي قاسم الساعدي

جيل
" أبوراوي " متمرد ...
يختلف عمن سبقه من الرواد , الذين درسوا الفن في
بلدان مختلفة , وعادوا لكي يبدأوا مغامرة الفن .. جيل تكاد ولادته ان تكون قيصرية
, لولا , كلية الفنون الجميلة , حديثة التأسيس , التي وفرت نافذة , لا غنى عنها , لكي يتسرب
بعض هواء , لرئات تستطيع , بشهقة واحدة , ان تتنفس العالم كله ..
لم يكن
في ليبيا في الوقت الذي فتح فيه جيل معتوق أبوراوي , عيونه , لكي يحقق ذاته فنيا ,
شيئا مما لدى جيرانه في مصر وتونس من مؤسسات ,
وحينما قدمت للعمل في كلية الفنون تلك , خريف 1988 , لم يكن هنالك في
طرابلس , حتى كاليري واحد , وليس ثمة مكتبة وطنية , يمكن ان توفر كتابا فنيا ما .
وفي
تجربة الرسوم الجدارية التي خضتها مع طلابي من الجنسين , لتحقيق رسوم جدارية , في
مدينة طرابلس , كنت امام اسئلة كثيرة جدا , وعلى مستويات مختلفة , منها : علاقة
الفن بالمكان , بالناس , معمار المدينة .. وبشكل خاص تجسير المسافة بين الفنان
والجمهور .. ووضع الفنانين الشباب , ابناء البلد وبناته , مقابل جمهور يخوض لاول
مرة نقاشا عن الفن , ولانه كان يشاركنا العمل من خلال مصافة مروره , او من خلال
معايشته المكانية .
انجزنا
العديد من الاعمال الجدارية , في العديد من نواحي المدينة .. وحينما كان لدي في
اليوم الاول للعمل بضعة شباب , تزايد العدد لعشرات ومن الجنسين ..
لقد
تكررت التجربة في عام 1994 ايضا , وهذا ما اتاح لي معرفة جيدة بمعتوق : كان بحماسته اللافتة للعمل , يحاول ان
يشرب آخر قطرة من هذه التجربة , ان يتمثلها , وان يستخلص منها : اسرارها , شجاعة الاكتشاف , الصبر , والافق المفتوح
للفنان في مقابلة اسئلة المكان , الوقت والانسان .
فرحت
كثيرا حينما اتصل بي هاتفيا , ليخبرني بانه حط اخيرا , ونهائيا , في الاندلس , وحينما جاء في زيارة فنية لهولندا
, حزنت كثيرا لعدم تمكني من لقاءه , بسبب ارتباطي , حينها بمشروع حوار عمل بين
فنانين هولنديين وزملائهم من العرب .
طيلة
اكثر من عشرة سنوات , كنت أتابع تطور عمل أبوراوي , إن على مستوى المضامين او
الاشكال والمعالجات التي يختارها بوعي , لتحقيق رؤياه , التي تنضج وعلى عدة
مستويات .
طائر
بجناحين عريضين , يناور بذكاء الافخاخ التي ينصبها النقد , كي يطيح به , ويسقطه في
وهم الاسلوب الشخصي , الضيق كحذاء صيني .
حرية الطيران تتيح له تنفس هواء لم يتنفسه الاخرون : نورس من نوع "
جوناثان ليفنغستون " الذي اقترحه ريتشارد باخ .
معتوق أبوراوي بمرسم كليه الفنون بجمعه غرناطه
تصوير الفنان الاسباني المعروف باكو بانيوس 2010
كثيرة
ومختلفة , هي زوايا النظر التي يلتقط منها , الفنان , شكل الاشياء ومداراتها ..
وهو لا يكتفي بحدودها الخارجية او بنوعية المرايا التي تعكس بعضا من جوانبها . انه
يدخلنا في زاوية الصوفي , ليخرجنا الى ظل قصيدة او الى حماسة نشيد اممي . من حلم
لوردة , الى حسرة حزن لام بجلباب ابيض او اسود .. فنان يقدس حريته , لكنه يعرف
ايضا كيف يختار العناصر التي يجمعها , بصبر ودراية , لكي يؤثث بها متحفه الشخصي ..
ومن لوحة
لاخرى , يقترب ابو راوي اكثر من حريته , ومن شقاءه الجميل في انجاز لغته الخاصة .
ماهر في
اللعب , لا تتعبه المغامرة , ولا الترحال .
كان
الشاعر المتجول " التروبادور " يمنح الاماكن التي يصلها بعضا من نثار
روحه .. معتوق يعيد تقطير معنى الوجود , مرة ومرة اخرى , دونما ملل , او اكتفاء
بالنتائج .
معتوق
يصغي للعالم جيدا , يعقد طرف القصيدة بانتهاءات عطر امراة , ومن تكسر الموجة عند قدميه , الى انحناء قوس
المعمار على ظل الفكرة , و بينما هو على وشك ان يفاجؤنا بجديده , نرفع يد الدهشة
عن فم يريد ان يقول شيئا , لكي يغرينا بدخول مغامرة جديدة ..
حسبه انه
يجر وراءه تأريخ ليبيا الطويل , وما لا يحد من التوق الانساني الى الجميل ..
حسبه انه
في بلاد غويا وبيكاسو..
وانه يعمل كقاطرة ..
وانه يعمل كقاطرة ..
قاسم
الساعدي
هولندا
2016
.................................
Qassim Alsaedy
- Baghdad 1949
- Studied at: Academy of fine arts, Baghdad
1969-1974
- First solo exhibition: Baghdad 1974
- Exhibited his art works as solo and group exhibitions
in many lands:
Lebanon , Yemen , Syria , Tunis , Libya , UAE ,
France , Belgium , Italy , Germany , Sweden , Holland
- Exhibited his art works at many museums, art
fairs, art festivals , and biennales in many lands.