jueves, 7 de septiembre de 2017

ابو راوي: لوحات خلاقة تتجاوز الفكرة وتتصالح مع الجمال


الفنان والناقد التشكيلي عدنان معيتيق 2014


تأبين الضوء والاختفاء بالعتمة
  

 معتوق ابو راوي فنان أصيل يرسم كائناته بكل حب، يلتصق معها إلى درجة التوحد، يتكلم عن همومها وما يعتمل في دواخلها من آمال وتطلعات، يهتم بالجانب الجمالي مبتعدا عن المعاني الرخيصة وما يتطلبه السوق كما يحدث في عالم اليوم من امتهان لشخصية الفنان وتحويله إلى آلة تخدم أغراضا شخصية وأهواء مبتذلة، لا يتقمص شخصية الفنان المناضل المنهك بقضايا كبيرة رغم أنها تعيش في داخله ومتأصلة في وجدانه، فنان أصيل يحترم فنه، مخبول بحبليبيا، يتجلى هذا في نصوص رائعة تكتظ بها أعماله الفنية الزاخرة بالجمال.
في مراحل متقدمة اهتم بالهجرة غيرال شرعية وخصوصا من أفريقيا إلى أوروبا ورسم قوارب الموت وهي تصارع أمواج عاتية و ابرز معاناة المهاجرين والتي لم ينتبه إليها احد إلا في أخبار عابرة عبر النشرات اليومية وما مدى انزعاج الطرف الآخر منهم، لكن الفنان معتوق ابو راوي كان ينظر من جانبهم وكأنه يعيش بينهم ، لهذا السبب كانت الصورة المرسومة عنهم مختلفة ومخيفة إلى حد الاستفزاز، فقدمها بشكل مختلف فقد أضاء الجانب الإنساني الرفيع في البشر، وإنهم ناس جديرون بالحياة رغم الظروف السيئة والحظ العاثر اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا لتلك البلدان التي جاءوا منها هربا من موت يطارد أبناءهم ونساءهم 
وشيوخهم. 



بدأت في تجاربه الراهنة تتضح معالم لعالم أكثر رعبا من عالم الهجرة غير الشرعية وقوارب الموت، جثث معلقة في فراغ مفزع بأكفان بيضاء، وظلال منتشرة في أرجاء المكان إلى حد الظلمة، ونور منحسر في أماكن أخرى ضيقة بالكاد يرى وكأنه يحتفي بالظلام وينعى النور، احمر قرمزي، أجساد غير مكتملة أو مبتورة، كل هذه أفكار مرسومة بفرشاة الفنان المدرك للحياة التي نمر بها جميعا ومدى الوضع الحرج جدا لمصير وطن، وما كف الفنان بالإشارة إلى هذا الوضع في اغلب الأعمال المنجزة بتعبيرية خلاقة تتجاوز الفكرة في الكثير من الأحيان لتتصالح مع الجمال وتصبح هي الغاية والهدف، من ظلال شفافة وتدرجات لونية بتنوعاتها وصراحتها المفعمة بالحيوية والنشاط رغم قتامة النسيج العام للوحة، وصوتها العالي يتردد صداه من خلال عناوين هذه المجموعات ‘تأبين المفقودين’ ‘ثورات الربيع العربي’ في زوايا هذه الأعمال بالخوف والقلق والحزن الكبير على كل مفقود ومقتول ومشرد كان يحلم بيوم أفضل .
درس الفن في كلية طرابلس وأكمل دراسته في جامعة غرناطة باسبانيا قام بالعديد من المعارض الفردية والجماعية في داخل وخارج ليبيا ، ومن أهمها بالمركز الثقافي الفرنسي ودار الفنون بطرابلس ولاتين أمريكا بكاراكاس فنزويلا، والورش الفنية منها مع الفنان النمساوي مارتن هوشتل فينا بالنمسا. معرض جماعي بالمؤسسة العربية الأوروبية بالتعاون مع جامعة غرناطة ومعرض السلفيوم بمدينة بنغازي ومشاركة جماعية في العمل التركيبي (عند بداية الفجر) في الدار البيضاء بالمغرب.



..............................................

عدنان بشير معيتيق/ فنان تشكيلي من ليبيا
مصراته 2014