نجومٌ لا
تُؤتَمَن
لمْ يمِلْ
مرة ًلليمين
لمْ يمِلْ
مرة ًلليسار
لذَا :
دفَّعوهُ
الثمنْ ..!
ضوءُ عينيك
َثلاجةٌ
والروحُ تابوتُ
حزنٍ
والمدَى
غسَّلوهُ
ولفُّوهُ
فى قطعةٍ منْ قماشٍ
وقالوا –
بخبثِ الثعابين جهرًا - :
- لا
عليكَ نطمئنكَ -
نحنُ دفعنا
الثمنْ ..!
لأنَّا
نحبكَ حبًا شديدًا
لهذَا
أتينا بهذَا الفضاءِ
لكى ما
نلفَّكَ فيهِ
- ياحظ
َّموتكَ -
- ياحظ
َّميتتك َالنادرهْ -
لأنَّ الجنازةَ
سوفَ تكونُ بحجمِ الفضاءِ
وحجمِ السماواتِ
والأرضِ
حظكَ ياسيدِى
لنْ يصيبكَ
داءُ التحللِ
والدودُ لنْ
يستطيعَ الوصولَ إليكَ
ولنْ تنتهِى
لنْ تصيرَ
ترابًا
سوفَ تكونُ
ضياءًا ونورًا
فَرَاشًا
حريرًا
لنْ يصيبَكَ
داءُ العفنْ ..!
ياحظ
َّموتكَ
أنتَ الوحيدُ
الذى كفنوهُ بهذَا الأفقْ
وأنتَ الوحيدُ
الذى دفنوا نصفَهُ فوقَ أرضٍ تمورُ
ونصفًا هنا
فى سمًا تحترقْ
وأنتَ الوحيدُ
الذى حسدوهُ على حجمِ هذَا الكفنْ ..!
اِستدارَ
إليهم وقال :
تريدونَ هذَا
الكفنْ ؟.
استدارَ الجميعُ
وولُّوا غبارًا
وطينٌ يصيحُ
ويملأُ هذا الوجودَ
صراخًا ورملاً
وصخرًا
وصوتٌ من
الخلفِ يأتى ليسمعَهم قائلاً :
لعنَ اللهُ
هذا الزمنْ ..!.
ضوءُ عينيكَ
شكٌّ
نبضُ قلبكَ
موتٌ
والنجومُ
التى أخبرتْهُمْ ودلَّتْ عليكَ ؛
لتصعدَ للهِ
قتلاً
نجومٌ من
الوحلِ لا تُؤتَمَنْ ..!.

الشاعر والأديب المصري محمد دياب
روح يتنفس عبر
الفرشاة ، شهيقه الألوان المتناثرة التى تتجمع متحدة ؛ لتصب إبداعًا مختلفًا فى
بحر الحياة المشتعلة ، زفيره التشكيل الفنى المتوتر نارًا ، إغماضة عينيه بين :
التفكير فى استكمال اللوحة ، والمضى فى قصر لوحة جديدة تؤرقه فنيًا ، صحوه بين : لوحات
القماش التى يغرس فيها بذوره اللونية ، والأوراق التى تحمل فيض راحته على جسدها الناعم ، نومه
بين : عالمه الذى يريد أن يشكله على الأوراق الميتة ، ويريد أن يحييها بضربة فرشاة
تبعث فيه الروح بقاء خالدًا ؛ مجسدًا
أمامنا عالمه الذى يخلقه بـ : اللون المتفجر رؤىً ، بالفرشاة المعذبة بين يديه ، بمساحة
الرسم التى لا ينتهى منها حتى يبدأ ثانية فيها ، بين : هذا وذاك ، هو ثائر فنى ، يصور عصره ،
يصور عصور أخرى من عمق التاريخ الحزين ؛ ليسقطها على عصرنا ، يغلى تارةً ، وتارةً يكون صوفى النزعة فى التشكيل اللونىّ ، وتارة
يمرح فى التجريد هُلاميًا ، يضبب حتى تمشى
حذرًا فى طريق اللوحة الخطر ، تصبح سماؤه الفنية دخانًا على دخانٍ ، ليس له مدرسة
فنية محددة ، هو ابن لوحته الدامية ، ابن أصابعه الزلازل التى تقلب الأرض على
الأرض ؛ ويخلق لواحات تنتصي قامتها شمسًا ، وأقماراً ، وسماواتٍ ؛ ليثبت ذاته
بفرشاة تفعل ما لا يفعل السيف ، ولا الرصاصة ، ولا القنابل ، ولا الصواريخ على نحو
ما رأينا فى لوحاته التى تنتمى للإنسان ، ولا شىء غير الإنسان ، ابن أنامله المحترقة ، ابن رؤيته الخاصة ،
ابن قبضته التى تحرق الفرشاة من سخونة يديه ، ولهيب خواطره التى تهدى لنا كل هذا
الفن المطرز نورًا ، بـ : وشاح : الماء ، والخضرة ، والإنسان الجديد الذى يتنفس
كالبحر فى لوحاته ، يتنزل كأشعة الشمس التى توقد الأكوان الخفيه فى ألوانه الدافئة
، فى كل لوحة يضع حسًا مختفًا ؛ ليقول : إنه أمير فى قصر الفن التشكيلىّ ..!.
يمشى حاضنًا خاماته التى يصحبها منذ بدأت راحتيه العزف
على جسد اللوحات المتنوعة فى مدائن الجمال
الحىّ ، الفرشاة فى يمنيه تغنى ، تكتب قصائد شاعرة ، الألوان فى يساره حقول من البياض ، والخضار ، والشمس ، الخيال يحاصره من الجهات
السبع ، الإبداع يغلى فى يديه ، يفور
أمامه تارةً على الورق المقوى ، وتارة على القماش ، وتارةً على الإكرليك ، يحمل
عالمه الصغير معه من “ ليبيا “ إلى “ إسبانيا / غرناطة “ من غرناطة / إسبانيا “ إلى
ليبيا “ ألا يذكرنا بشىء هذا الرحيل الفنى الحميم
؟ يذكرنا “ ببكاسو “ لقد “ تنازعته دولتان هما : “ إسبانيا وفرنسا “ الأولى
بحكم مولده ، وأسرته ، وفترة صباه ، والثانية بحكم إقامته ، وميوله ، وهواه “ (1)
.
ولد “ بابلو رويث بيكاسو فى أكتوبر 1881م فى مدينة مالقة
“ مالاجا “ فى الجنوب الإسبانى ، وهى مدينة عربية أصيلة ، بقيت تحت حكم العرب أكثر
مما بقيت تحت حكم “ الإسبان “ وما تزال
بها آثار عربية ، تشهد على حضارة عظيمة ، وفن أصيل “ (2) . الفنان “ معتوق أبو
راوي “ يجىء بفنه الذى يشبه السحر ؛ ليستكمل كفنان مسيرة الحضارة الفنية ، مسيرة
الجمال العربىّ الغرناطىّ عبر أدوات خاصة هى ذاده الروحى الذى يحمله على ظهره فى
كل أرض تخاصر قدماه ترابها ، لا شك أن التقاء حضارتين ، حضارة آتية منذ القديم ،
وأخرى من الزمن الحديث ، لهو جدير بخلق أعمالٍ فنية سيتوقف تاريخ الفنون عندها كثيرا
، ستبقى هذه الأعمال يومًا شاهدًا على عبقرية هذا الرجل الفنان “ معتوق أبو راوي “
.
وإذا كان الشاعر الكبير “ لوركا “ قد “ وجد فى “
غرناطة متنفسًا أكبر لحياته الشعورية ،
والفنية ؛ إذ التقى فيها بآثار الحضارة العربية ، والإسلامية الباهرة ، متمثلة فى
: “ قصر الحمراء “ بكل أبهته ، وروعته ، ورياض “ جنة العريف “ الملحقة به مما أشعل خيال الشاعر “ (3) . فإنه صار “ يقارن بين : تلك العظمة الحضارية لـ “ مملكة غرناطة “
وبين : واقع المدينة ، والأندلس عامة الذى كان متدهورًا فى ذلك الحين بالقياس إلى بقية المقاطعات الإسبانية “ (4). والفنان “ معتوق أبو راوي “ لا شك أنه شاهد كل
هذى المؤثرات التاريخية التى تشحنه بطاقة الفن ، التى تخاطبه قائلةً : يجب أن تقدم
فنًا لأنك ابن حضارة علمت هذا العالم ما لم يكن يعلم ، تحتم عليه أن يترك فنًا
يبين روعة هذه الحضارة ، تضع على كاهله
عبئًا كبيرًا كى يقدم أعمالا تثبت أنه واحد من أصحاب هذه الحضارة التى ينعمون فيها
بجمالٍ مثالى التكوين ، والهيئة الفريدة ، النادرة ، العبقرية النارية ، من يدرى ؟
لعله من خلال أصابعه البراكين يعيد تفجير الحضارة ، مضيفًا إليها ما أبدعه
بانفجارته المتشظية ، ثم يجلس مخصبًا لوحاته فى حضن “ ليبيا “ وبين ذراعىّ “
إسبانيا “ ..!.
***
الغزالة
المرأة العربية
ذات القوام الرشيق الذى يخلبك إن سرتْ ورأيتها سحابة بيضاء تمشى على الأرض ،
بجمالها الناعم الفطرىّ ، المرأة المسك التى يعكس جمالها ظلاً وارفًا على جدران
الوجود المعتم ، المرأة الملساء بخفتها الحافلة ، برشاقتها التى تشبه القصيدة التأويل فى مدن التفسير الرمزىّ ، الغزالة القصيدة التى منذ عرفها الإنسان وهى
تنتمى للغزالة الأنثى ، تصف مفاتنها
انحيازا طبيعياً ، تستقى منها الوصف الفريد المعطر بروائحها الأنثوية ، بالحرف
النادر المبتكر ، تشم العطر الذى تمنحه
لنا مع الأناقة المتفردة ، تشاهد نفسها فى المرآة كأن “ المرآة “ بحدودها السوداء
هى التى ترى نفسها فى وجه الغزالة ، ينعكس بعض الجسد ؛ لتحدث ذاتها ، بجوارها
واحدة أخرى ، لا تلتفت لها ، إنها إنْ ترَ نفسها ؛ فقد رأت الأخرى ذاتها ، إنها
مشغولة بما تراه للمرة الأولى بهذا النقاء
الشديد ، بهذا الصفاء المصقل ، تعودت أن ترى نفسها وهى تشرب من الماء النهر ، من
العيون ، من الآبار، من البحيرة ، لكن ليس بهذا الشكل الصافى الذى يبين جمالها
التاريخى الآسر المبين ، ربما تسآلت عن سر هيام الشعراء بها عبر التاريخ
؟. قد لا تفقه التساؤل ، قد لا تعقل أسرار السؤال لكن اللوحة توحى بذلك ، تنقل
الرائى إلى اللامرئى ، تنقل لغتها التى لا نعرفها إلى لغة لونية تتحدث دون لسان ،
تصف دون فم مثلنا ، تقول دون صوت ، تدرك
أنت داخليًا ، تحس أنت روحيًا ً، تفهم أنت
نفسيًا ، تسبح مع فرشاة الفنان “ معتوق أبو راوي
“ فى صحراء الغزالة التى ترى نفسها أجمل مخلوقة على جسد الكرة الأرضية ،
حيث يعتقد الناظر أن “ المرآة “ هى “ تاج “ أو “ البيانو “ حيث هى تمد أصابعها
عليه لتفتحه ، عازةً لحن الإعجاز الجمالى ، والرشاقة العربية الساحرة ، تلك هى
رومانسية “ ما بعد الحداثة “ التى ترتكز إلى الرمز التراثى ؛ لتدفعه فى خضم العصر
الآلى ، فى كل إبداع يضع “ أبو راوي “
سحرًا خاصًا مستندًا على مرآته ؛ لتقول لنا : إنه ساحر تشكيلىّ عليم يلقف
ما يبدعون ..!.
***
أناقة 1
القامة السماوية

***
أناقة 2

***
الخرافة
وإذا نظرنا إلى الخرافة نجد أنها :"هى الاعتقاد ، أو
الفكرة القائمة على مجرد تخيلات دون وجود سبب عقلى ، أو منطقى مبنى على العلم ،
والمعرفة ، وترتبط الخرافات بفلكلور الشعوب ؛ حيث إن الخرافة عادة ما تمثل إرثًا
تاريخيًا تتناقله الأجيالُ ، وهو معتقد لا عقلانى ، أو ممارسة لا عقلانية"(5).

فى الشكل الثانى : تجد أن الصورة غير واضحة المعالم
مجردة ، تعتمد على التجريد تشبه الطائر “ أبيس “ أو كأنها أوزة طويلة العنق ،
الشكل الثالث : يميل إلى الشكل الهرمى ، كأنه من زجاج يشف عما فيه ، حين تقترب
بعدسة عينيك قليلا تبصر كأن رجلاً فى داخل
هذا الشكل الهرمى يقف أعلى الشكل ، أو يطير ، أو يتدلى من حبل فى وضع مستقيم رأسى
، أسفله امرأة وطفلة صغيرة ، تستند على هذا المثلث صخرة صغيرة ، أو” بيضة “ كبيرة الحجم إيذانا
لميلاد جديد ، تعلوه نافذة ، وصورة فى ركن الغرفة ، هنا نستطيع أن نقول : إن
الفنان “ معتوق أبو راوى “ استطاع أن يلعب باللون ، والتجريد ؛ ليرينا ما لايرى ،
لنتخيل ما نشاء ، ليرى كل واحد حسب ما تشاهده عينه ، لا تستطيع أن تمسك شيئًا
محددًا تمامًا ، تتسع رقة الخيال اللونى على جدل اللوحة الناطقة بما تشاء ؛ حيث
تفرض نوعا من التلقى الرحب لقدرتها على التلون الخرافىّ ، فى كل عمل يضع حالة
تتجاوز الفن إلى الفن ؛ لتقول : إنه فنان
خرافىٌّ حين يدخل عالم الخرافة ، يصبح سلطانًا جالسًا على مقعدٍ صعبٌ أن تحجمه
العين لجمال صناعته الخارقة ..!.
***
ما قبل التاريخ
فى عصور ما قبل التاريخ ، أو ما قبل العلم نجد أن “
الأسطورة فى حقيقتها ليست تعبيرًا تافهًا ، ولا تدفقًا عشوائيًا ، لخيالات عقيمة ،
ولكنها قوى ثقافية هامة تشكلت بصورة محكمة “
(6) . من هنا يستشعر الفنان “ أبو
راوي “ القدرة على الرسم ، مرتديًا عباءته الفنيه ، لا يهم سيذهب إلى أى مدرسة
تشكيلية ، قدر ما يهمه نقل أحاسيسه الخاصة بشكل مختلف ، غير عابىء بتصنيفه ،
فى اللوحة تجد نوعًا من العبث الكلىِّ غير المفهوم ، إنه
بالفعل كذلك ، لا تندهش هذا هو العالم الذى يريد أن يأخذك إليه ؛ لتعيش فيه قليلا
؛ لترى كيف كان يعيش هؤلاء قبل عصر العلم المتجدد ، قبل انفجار الوعى اليقظ ، قبل يقين الفهم ، والإدراك الثاقب ؟. تجد
نوعًا من الفوضى الكاسحة ، نوعًا من التداخل العشوائىِّ - مع أنه محسوب بدقة
الفنان - سيطرة الألوان التى تشير للصراع الدموىّ الذى لا يهدأ ، للتناحر الذميم ، للدم المتصبب صبًا ، تجد أن السماء فى الخلفية غائبة
، لا وجود لها إلا من مساحة صغيرة ، كأن
هذا العالم يعيش فى بدائية محضة ، تنحصر الحرائق المشتعلة بينهم ، لا
تنطفىءالحروب الذاتية ، تتضافر العداوة حربًا ، يتكاثر التشاحن غاراتٍ متواليةً ،
يتوالد التباغض كالبكتريا ، تنمو البغضاء
أسلاكًا شائكةً ، تتجذر الكراهية ؛
لتبصر أنت هذى الخرائب المشتعلة من هذى الخطوط السوداء التى يتضح بعض معالمها كـ “
الديناصور “ وبعضها لا تتضح معالمه ، حين تتأمل هذى الخطوط تجد أن : الفنان “
معتوق أبو راوي “ يحدث إسقاطًا غريبًا على عصرنا برغم العلمية التى تحكمه ، هذا
الإسقاط هو : أننا أصبحا بدائيين ، لا يوجد بيننا إلا الدم لغةً ، وجدران النفور ، قانون الغابة للأقوى ، حتى برغم انقراض هذا
الحيوان الذى نشاهده فى اللوحة تجده متصدرًا اللوحة ، ذيله يضرب كالسوط فى ركن
اللوحة كأنه يقتنص ضحيةً هاربةً فى
المؤخرة ، مرفوع الذيل فى حالة هجوم عدائى
كأن الحرب أصبحت شيئًا حتمية ، واجبةً . هنا لم يعد لها أى ضرورة بين الإنسان
والإنسان ، أو بين الإنسان ومخلوقاتٍ المفروض أنها قد انقرضت ، إذن : ما يحدث هل
هو ردة إلى عصور ما قبل التاريخ ؟ هذا هو التساؤل الذى تطرحة اللوحة ، والإجابة :
أكوان سرمدية ، فى كل لوحة يضع “ معتوق أبو راوي “ آية تقول : إنه رئيس يحكم
العالم الذى يحب ..!.
***
إفريقيا من إسبانيا
قبل أن تبدأ أشجار عينيك بالنظرة إلى اللوحة المفعمة
بالألوان تشعر وكأن القارة الإفريقية قد
تجسدت بكل ما فيها ، ومن فيها لمجرد شارات عابرة للقارات ، فى مقدمة اللقطة للوحة
هذا الحيوان الإفريقى المتجسد فى درجة من السواد الناطق بلسان الفرشاة الصارخ ،
حيث يعانق عينيك قرنان كأنهما قدمى إنسان مستلق على ظهره ، لا تتضح معالم الحيوان تحديدا
زاهيًا لكنها ترتسم نبضة تتحدث عن ذاتها بظل صغير يتجسد على لحم الأرض التى يبدو
فيها أن الحيوان كأنه يتحدث معها ، يلاطفها ، كأنها تستمع له ، تخفف عنه مالا
يستطيع البوح به ، تعطيه لسانها حتى يتكلما معا لغة واحدة مفهومة ، كأنه حارس على
هذا الماكن / الوطن ، السؤال : كيف جمع “ أبو راوي “ المكان الثابت ، وحركة
الحيوان العشوائية التى تتجه فى اتجاه ؟ .إنه الفن الذى يصهر كل هذى الأشياء فى
نظام متخيل يخلق الروح الخالقة .
يتسلل ضوء لونى وردى من بين الأقدام ، أو من أسفل البطن
؛ لتشعر بأن الأرض وردية ، أو أن العطر هو سمة أسياسية للحيز المكانى ، و فائح فى
خلايا الزمان ، بالقرب منه تشاهد حيوانا آخر يميل إلى اللون الرمادى ، أو الرصاصى
، لا يبدو له إلا قرن واحد ، ثم يفرش الأرض بما يشبه القنوات اللونية بلونين ، لون
يقترب من اللون الشمسى ، والآخر يشبه لون الدم ؛ ثم تأحذ ألوان ما يحاكى اللون
البترولى ، وهو أقرب إلى زرقة الماء التى تسربت بما يماثل البركة المائية ، أو
الفسقية .
على الجانبين
ترى سورًا خشبيًا، يمين عينك اليمنى تبصر اللون المائل للدم ، يسارعينك اليسرى ترى
ما يضاهى البحيرة العذبة التى تشبه الفضة ، وزرقة السماء الصافية ، هناك على مرمى
اللون تلمح عيناك غيمة بيضاء هى “ الماعز “ كأنها كانت تستحمم فى طبق من فضة
وزبرجد ، تتوسط هذه البحيرة فيما يشبه البيوت التى تأخذ لونين الأبيض الصريح ،
والأحمر ، والخلفية توقن أن السماء أقرب ، والهضاب أقرب حيث تنعكس عليها زرقة
البحيرة المليئة بالحركة ، أو أنها السحاب القريب الذى يصادق البحيرة عن قرب كأنه
يسر كلاما لشاطئها الصغير ، هنا ترى الفنان “ معتوق أبو راوى “ ينقل لك حالة “
زمنية “ بما فيها حياة نابضة تجمع بين :
الماء والألوان ، بين : السحاب والهضاب ،
بين ، السور الخشبىّ وما يشبه البيوت ، ينقل بيئة
حركية ، تتوق روحه لو أنها كانت هناك فى هذا الزمان الذى كانت فيه السجية العربية على طبيعتها ،
الزمان الذى لم تلوثه بعد أدخنة الحضارة المسخ ، لا بد أن أشير أن الرجل قد نقل “
القارة الإفريقية “ بذكاء شديد عبر البحر ، عبر خلفية السماء التى تشبه البحر -
أيضا - ، عبر الحيوان ، ومدى اللوحة الظاهر ، حيث عانق الحضارة بالحضارة ، والسماء
بنفسها ، والبحر بذاته ، هكذا هو الفنان “ معتوق أبو راوي “ يترك لمسة فى كل لوحة
حتى تقول نيابة عنه : هو رب اللوحة ، نفخ
فيها من روحه الفنية ما سوَها حياة خاصة ، وجمالا مكنونًا ..!.
***
سوف تشرق ثانية

بقلم الشاعر : محمد دياب
القاهره 2014
-----------
1- بين الفن والأدب - ماهر البطوطى - ص 180 - مطابع
الهيئة العامة المصرية للكتاب 2005م.
2- المرجع السابق .
3- المرجع نفسه ص 23 .
4- نفسه - بتصرف .
5 - انظر : ويكيبديا الموسوعة الحرة فى تعريف الخرافة .
6 - الأسطورة فجر الإبداع الإنسانى - “ د. كارم محمود
عزيز “ . ص 37 - الهيئة العامة لقصور الثقافة - مايو 2002م.